رَسُـولَ اللهِ إِنِّـي يَـا حَبِيبِـي
ذَكَرْتُكَ كَلَّمَا كَثُرَتْ خُطُوبِـي
|
وَتَاهَتْ فِي الْفَدَافِـدِ أُمْنِيَاتِـي
وَسَارَتْ فِي الْمَحَافِلِ بِالْوَجِيبِ
|
لَعَلِّي أَتَّلِـي دَرْبَـاً صَحِيحَـاً
بِسُنَّتِكَ الَّتِـي تَجْلُـو كُرُوبِـي
|
يُجَنِّبُنِي التَّقَحُّمَ فَـي الْمَهَـاوِي
وَيَشْحَذُ هِمَّتِي نَحْوَ الرُّغُـوبِ
|
وَيُشْهِدُ رَبِّـيَ التَّـوَّابَ أَنِّـي
أُحِبُّكَ فَوْقَ نَفْسِـي يَاحَبِيبِـي
|
(1)
|
سَتَعْجَبُ أَنْ تَرَانِي فِي حَيَاتِـي
أَبِيَّ النَّفْسِ فَي سِلْكِ النُّكُـوبِ
|
غَرِيبَـاً غَيْـرَ مُؤْتَنِـسٍ بِخِـلٍّ
طَرِيدَاً غَيْرَ مَعْـرُوفِ الذُّنُـوبِ
|
وَتَعْجَـبُ أَنَّنِـي بِالْكَوْنِ حَـيٌّ
وَهَذَا الْكَوْنُ يَعْصِفُ بِالْغَرِيـبِ
|
ظَلُـومٌ غَيْـرُ مُنْتَبِـهٍ لِزَيْـفٍ
وَطَيْفٍ بَاتَ يَرْسُفُ فِي الْعُيُوبِ
|
حَرِيصٌ أَنْ تَئِـنَّ بِـهِ حَيَاتِـي
وَتَثْقُـلَ بِالرَّزَايَـا وَالْحُـرُوبِ
|
وَأُفْتَنَ فِـي مَعَايِشِهَـا وَأَبْقَـى
حَزِينَاً شَاكِيَ الأَمَلِ الْكَـذُوبِ
|
كَسِيرَ النَّفْسِ مَذْعُـورَاً تَرَانِـي
قَلِيلَ الضِّحْكِ مَوْفُورَ الْقُطُوبِ
|
مَرِيضَـاً دُونَ سُقْـمٍ يَعْتَرِينِـي
خَفِيَّ الْكَلْمِ مَظْهُورَ الشُّحُـوبِ
|
وَسِيعَ الأَرْضِ فِي وَطَنٍ قَضَى لِي
أَلُوكُ الذُّلَّ فِـي رَبْـعٍ سَلِيـبِ
|
وَأَنْظُرُ إِذْ عَلَيْهِ أَتَـى السَّعَالِـي
تُعَرْبِـدُ لِلإِغَاظَـةِ بِالصَّلِيـبِ
|
سَأَبْقَى وَاعِيًا رَغْـمَ الْمَهَـاوِي
وَرَغْمَ التِّيهِ أَرْكُضُ فِي الدُّرُوبِ
|
لأَبْعَثَ مِنْ مَتَاهَاتِـي سُـؤَالاً
ذَكِيَّ النَّـارِ مُسْتَعِـرَ اللَّهِيـبِ
|
أَهَذِي الأَرْضُ لِي فِيهَا مَكَـانٌ
كَمَا لِلْكَلْـبِ أَرْضٌ أَوْ لِذِيـبِ
|
|
رَسُـولَ اللهِ إِنِّـي يَـا حَبِيبِـي
سَقِيمٌ مَسَّنِـي غَـيُّ الْجَنِيـبِ
|
لَئِيمٍ جَاءَ يَفْسُقُ فِـي دِيَـارِي
وَلِصٍّ جَاءَ يَسْرِقُ مِنْ طُيُوبِـي
|
وَخَيْـلٌ قَتْلُهَـا عَلَنَـاً تَوَالَـى
بِقَتْلِ الطَّامِحِينَ إِلَى الرُّكُـوبِ
|
لِتَرْسُفَ دُونَ أَوْكَارِ الأَفَاعِـي
وَيُفْسَـحَ لِلْمُنافِـقِ وَالمُرِيـبِ
|
وَحَامٍ لاَ يُصَـانُ بِـهِ حِمَـامٌ
ذَهِيبُ الرِّيحِ مَعْدُومُ الْهُبُـوبِ
|
وَيَضْحَكُ فِي الْمَآسِي مِلْئَ فِيـهِ
وَيَرْشُقُنِي بِعُبْسِي فِـي الْقَلِيـبِ
|
وَيَأْخُذُ مِنْ غِرَاثِي كُـلَّ تَمْـرٍ
وَبِاسْمِ التَّمْرِ يَسْرِقُ مِنْ جَنِيبِـي
|
وَيَحْفَظُ لِلْغَرِيبِ بَنَـاتِ عَهْـدٍ
وَيَعْصِفُ بِالْعُهُودِ عَلَى الْقَرِيبِ
|
وَيُغْلِـقُ دُونَ أَنَّاتِـي سَمَـاهُ
وَيَحْسِبُ أَنَّتِي ضِمْنَ الذُّنُـوبِ
|
فَيُرْجِـفُ أَنَّهَـا رَأْيٌ فَأُرْمَـى
بِجُبِّ الصَّمْتِ مَشْقُوقَ الْجُيُوبِ
|
وَيَأْمُرُنِي بِأَنْ أَنْسَـى وُجُـودِي
وَيَنْهَى أَنْ أُجَاهِـرَ بِالرُّغُـوبِ
|
وَأُنْشِدَ فِي قَصِيدِي لَحْنَ حُـزْنٍ
يُهَدْهِدُ هَمْسَةَ الصَّمْتِ الرَّهِيبِ
|
وَيَنْشُدَ فِي فِجَاجِ الأَرْضِ بَيْتَـاً
كَمَا لِلْكَلْبِ بَيْـتٌ أَوْلِذِيـبِ
|
(3)
|
رَسَـولَ اللهِ إِنِّـي يَـا حَبِيبِـي
فَرَكْتُ الْعَيْشَ فِي كَوْنٍ كَئِيـبِ
|
وَآمُلُ أَنْ أُسَاقَ إِلَـى رِكَـابٍ
بِهِ أَمْثَالُ صَحْبِكَ فِي الشُّعُـوبِ
|
بُدُورِ الدَّهْرِ قَدْ زَانُوا سَمَاهُـمْ
بِنُـورٍ يَتَّلِـي ظَهْـرَ الْمَغِيـبِ
|
عَلَى تَوْحَيدِ رَبٍّ قَـدْ هَدَاهُـمْ
بِرَغْمِ الْحَادِثَاتِ خُطَى الْحَبِيـبِ
|
إِذَا مَا الْفَجْرُ لاَحَ إِلَى شُـرُوقٍ
أَتَوْا خَلْفَ الإِمَامِ بِـلاَ لُغُـوبِ
|
وَصَلُّوا خَمْسَهُمْ دُونَ ابْتِئَـاسٍ
وَصَامُوا شَهْرَهُمْ رَغْمَ التُّعُـوبِ
|
وَحَجُّوا كَعْبَةَ الرَّحْمَـنِ دِينَـاً
وَسَاقُوا هَدْيَهُمْ طُعْمَ الْغَرِيـبِ
|
وَأَدَوْا مَا لِرَبِّ الْمَـالِ طَوْعَـاً
وَكَانُوا بِالْعَدَالَةِ نَشْـرَ طِيـبِ
|
وَقَامُوا فِي رُبُوعِ الأَرْضِ عَـدْلاً
شُمُوسَاً لَيْسَ تَأْبَـهُ بِالْغُـرُوبِ
|
فَكَانَ الْخَيْرُ مَا كَانُـوا قِيَامَـاً
وَكَانَ الشَّرُّ مَنْـزُوعَ النُّيُـوبِ
|
وَكَانَ الضَّرْعُ مَوْسُومَـاً بِنَيْـلٍ
وَكَانَ الزَّرْعُ مَوْفُورَ الْحُبُـوبِ
|
وَكَانَ الْحُكْمُ عَدْلاً فِـي وُلاةٍ
تَهَـابُ اللهَ عَـلاَّمَ الْغُيُـوبِ
|
وَكُلُّ الأَرْضِ بَاتَتْ فِي حِمَاهُمْ
وَكَانَ الأَمْنُ كَالظِّلِّ الرَّحِيـبِ
|
فَسَاقَتْ بِنْتُ ظَعْنٍ فِي الْفَيَافِـي
فَمَا فَزِعَتْ بِكَلْـبٍ أَوْ بِذِيـبِ
|
(4)
|
رَسُـولَ اللهِ إِنَّـي يَاحَبِيـبِـي
وَصَلْتُ شَبَابَ حُبِّي بِالْمَشِيـبِ
|
فَهَلْ لِي مِنْ رِحَابِكَ فِي شَكَـاةٍ
لِرَبِّ الْعَرْشِ تَحْمِلُ مِنْ نَحِيبِـي
|
لَعَلَّكَ إِنْ شَفَعْتَ لَهَـا تُلاَقِـي
بِـإِذْنِ اللهِ مَغْفِـرَةَ الرَّقِـيـبِ
|
فَيَخْتِمَ بِالأَمَانِ نَحِيـبَ قَلْبِـي
وَيُشْرِقَ بِالسَّمَاحِ عَلَى دُرُوبِـي
|
فَإِنِّي كُنْتُ قَدْ آذَيْـتُ نَفْسِـي
بِعِصْيَانٍ تَلَـوَّنَ فِـي ذُنُوبِـي
|
وَجُرْمٍ لَسْـتُ أَذْكُـرُهُ حَيَـاءً
وَغَيٍّ فِي مَسَارَاتِـي عَجِيـبِ
|
وَجَهْلٍ قَدْ تَجَاسَرَ فِيـهِ ظُلْـمٌ
وَسُقْمٍ فَاقَ مَقْـدِرَةَ الطَّبِيـبِ
|
سَأَشْكُو مِنْ رِحَابِكَ كُلَّ ضِيقٍ
لأَصْفُوَ فِي جَنَابِكَ بِالْمُجِيـبِ
|
وَأُعْلِـنَ أَنَّنِـي أَبَـدَاً سَأَبْقَـى
شَهِيدَاً بِالْكِتَابِ عَلَـى عُيُوبِـي
|
وَهَذِي السُّنَّـةُ الْغَـرَّاءُ أَتْلُـو
طَرِيقَاً فِيهَا أَهْتِـفُ بِالْقَرِيـبِ
|
عَسَاهُ إِذَا صَدَقْنَـا ذَاتَ يَـوْمٍ
يُخَفِّفُ مِنْ مَغَبَّاتِ الْكُـرُوبِ
|
وَيَبْعَـثُ بَيْنَنَـا أَبْنَـاءَ حَــقٍّ
تَسُومُ الْحُكْمَ بِالشَّرْعِ الْخَصِيبِ
|
وَتُؤْمِـنُ أَنَّ نَصْـرَ اللهِ يَأْتِـي
يُصَاحِبُ كُلَّ ذِي دِينٍ أَرِيـبِ
|
بِهَذَا جِئْـتُ رَبِّـيَ مُسْتَجِيـرَاً
وَجَـــارُ اللهِ جَـــــارُكَ يَـــا حَــبِــيــبِـــي
|
|